نام کتاب : أحكام الطلاق والفسخ وآثارهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 41
ثم إن من
كرامة المرأة أن لا يكون الطلاق بيدها، لأنه لو كان بيدها، ولم تفارق زوجها بعد أي
خلاف يحصل قد يشعرها ذلك بأنها تفرض نفسها على زوجها فرضا، فلذلك من كرامتها أن
تجعل كون الأمر بيد زوجها ذريعة للحفاظ على تواجدها في بيت الزوجية.
ومع ذلك فإن هناك بعض المفاسد التي قد
تنتج عن الطلاق نتيجة سوء استخدامه من الرجل، ولكن تلك المفاسد لا يصح اعتبارها
أصلا يلغى الطلاق بسببها لأن المفاسد الناتجة عن إلغائه أخطر وأكثر من المفاسد
المتعلقة بوجوده، وقد ذكر ابن القيم تعارض المصالح والمفاسد في الطلاق، وبين رجحان
المصالح فيها عند ذكره للحيلة السريجية، والتي يتوهم محتالوها أنه بها يمكن إلغاء
الطلاق كلية، فلا يمكن للرجل تطليق زوجته، وتصوروا ذلك مصلحة محضة، فقال:(الشرائع
العامة لم تبن على الصور النادرة، ولو كان لعموم المطلقين في هذا مصلحة لكانت حكمة
أحكم الحاكمين تمنع الرجال من الطلاق بالكلية، وتجعل الزوج في ذلك بمنزلة المرأة
لا تتمكن من فراق زوجها، ولكن حكمته تعالى أولى وأليق من مراعاة هذه المصلحة
الجزئية التي في مراعاتها تعطيل مصلحة أكبر منها وأهم، وقاعدة الشرع والقدر تحصيل
أعلى المصلحتين وإن فات أدناهما، ودفع أعلى المفسدتين وإن وقع أدناهما، وهكذا ما
نحن فيه سواء؛ فإن مصلحة تمليك الرجال الطلاق أعلى وأكبر من مصلحة سده عليهم، ومفسدة
سده عليهم أكبر من مفسدة فتحه لهم المفضية إلى ما ذكرتم. وشرائع الرب تعالى كلها
حكم ومصالح وعدل ورحمة، وإنما العبث والجور والشدة في خلافها) [1]
ثم إن الواقع
بعد هذا يدل على هذا فقد حرمت المسيحية الطلاق تحريماً باتاً عند