وقد أخبر a عن الجزاء المعد
لهؤلاء، وهو جزاء من جنس العمل، فقال a:(إن المستهزئين
يفتح لأحدهم باب الجنة، فيقال: هلم: فيجيء بكربه وغمه، فإذا جاء أغلق دونه، ثم
يفتح له باب آخر، فيقال له: هلم، فيجيء بكربه وغمه، فإذا جاء أغلق دونه، فما يزال
كذلك حتى إن الرجل ليفتح له الباب، فيقال له: هلم هلم، فما يأتيه)[2]
وللسخرية مظاهر مختلفة، فقد تكون ألفاظا جارحة، كتعيير
بذنب تاب منه صاحبه، قال a:(من عير أخاه
بذنب لم يمت حتى يعمله)[3]، وفي
حديث آخر:(لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك)[4]
وإليه الإشارة بقوله تعالى:﴿ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ
بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ
هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (الحجرات:11)، فمن الأقوال في تفسيرها ما ذكره الحسن
ومجاهد، قالا:(كان الرجل يعير بعد إسلامه بكفره يا يهودي يا نصراني، فنزلت)، وقال
قتادة:(هو قول الرجل للرجل يا فاسق يا منافق)
وقال ابن عباس: التنابز بالألقاب أن يكون الرجل قد عمل
السيئات ثم تاب، فنهى الله أن يعير بما سلف.
وقد يكون بألفاظ محتملة للسب من غير أن تدل عليه
بالضرورة، وإليها الإشارة بقوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ
أَلِيمٌ﴾ (البقرة:104)، فقد كان في المخاطبة بهذا جفاء، فأمر المؤمنين أن
يتخيروا من