نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 267
يقوم على علاجه، وهذا المعالج الروحي هو الشيخ المتبوع، يقول الغزالي مبينا
دور هذا الشيخ:(فكذلك الشيخ المتبوع الذي يطبب نفوس المريدين ويعالج قلوب
المسترشدين ينبغي أن لا يهجم عليهم بالرياضة والتكاليف في فن مخصوص وفي طريق مخصوص
ما لم يعرف أخلاقهم وأمراضهم. وكما أن الطبـيب لو عالج جميع المرضى بعلاج واحد قتل
أكثرهم، فكذلك الشيخ لو أشار على المريدين بنمط واحد من الرياضة أهلكهم وأمات
قلوبهم)[1]
ويذكر الغزالي الأمثلة عن كيفية تطبيب الشيخ للمريدين، فيقول:(ينبغي أن ينظر
في مرض المريد وفي حاله وسنه ومزاجه وما تحتمله بنيته من الرياضة ويبني على ذلك
رياضته. فإن كان المريد مبتدئاً جاهلاً بحدود الشرع فيعلمه أولاً الطهارة والصلاة
وظواهر العبادات، وإن كان مشغولاً بمال حرام أو مقارفاً لمعصية فيأمره أولاً
بتركها، فإذا تزين ظاهره بالعبادات وطهر عن المعاصي الظاهرة جوارحه نظر بقرائن
الأحوال إلى باطنه ليتفطن لأخلاقه وأمراض قلبه، فإن رأى معه مالاً فاضلاً عن قدر
ضرورته أخذه منه وصرفه إلى الخيرات وفرغ قلبه منه حتى لا يلتفت إليه، وإن رأى
الرعونة والكبر وعزة النفس غالبة عليه فيأمره أن يخرج إلى الأسواق للكدية والسؤال،
فإن عزة النفس والرئاسة لا تنكسر إلا بالذل ولا ذلّ أعظم من ذلك السؤال فيكلفه
المواظبة على ذلك مدة حتى ينكسر كبره وعز نفسه، فإن الكبر من الأمراض المهلكة
وكذلك الرعونة، وإن رأىالغالب عليه النظافة في البدن والثياب ورأى قلبه مائلاً إلى
ذلك فرحاً به ملتفتاً إليه استخدمه في تعهد بـيت الماء وتنظيفه وكنس المواضع القذرة
وملازمة المطبخ ومواضع الدخان حتى تتشوش عليه رعونته في النظافة. فإن الذين ينظفون
ثيابهم ويزينونها ويطلبون المرقعات