وأما ميلها إلى الإفراط أو التفريط: فيحصل منه الحرص والشره والوقاحة والخبث
والتبذير والتقتير والرياء والهتكة والمجانة والعبث والملق والحسد والشماتة
والتذلل للأغنياء واستحقار الفقراء وغير ذلك.
ضوابط
التخلق
كما أن جمال الأشياء وحسنها يتجلى أكثر ما يتجلى في تناسقها، وانتظامها مع
بعضها انتظاما ينفي طغيان بعضها على بعض، فكذلك الأخلاق ـ التي هي صورة الباطن ـ
تستدعي تناسقا بين أصولها، يجعل منها مظهرا من مظاهر الجمال، ومجلى من مجالي
الحسن.
وكمثال قرآني على ذلك موقفه من أكل الشهوات أو استعمالها، والذي تنشأ عنه
الأخلاق الخاصة بهذه القوة من قوى الإنسان، فقد ورد ذكره في القرآن الكريم مقيدا
بما يمنعه من الطغيان، قال تعالى، وكأنه يعرض مائدة نعمه على خلقه: ﴿
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ
وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً
وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ
حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (الأنعام:141)
ففي الآية الكرية دعوة للأكل تنافي ما يدعو إليه الرهبان من الجوع، ولكنها
لا تنسجم كذلك مع ما يدعوا إليه أهل الشهوات من الاقتصار على الأكل المجرد، بل تضم
إليه أمرين:
1.
عدم الإسراف، حتى لا ينمي هذا الأكل في الإنسان أخلاق
اليهيمية التي لا
نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 289