قال: جاء رجل إلى النبي a فقال: إني مجهود. فأرسل إلى بعض نسائه فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك حتى قلن كلهن مثل ذلك لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. فقال النبي a:(من يضيف هذا الليلة؟) فقال رجل من الأنصار: أنا يا رَسُول اللَّهِ. فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته: أكرمي ضيف رَسُول اللَّهِ a)، وفي رواية قال لامرأته: هل عندك شيء؟ قالت: لا إلا قوت صبياني. قال: علليهم بشيء، وإذا أرادوا العشاء فنوميهم، وإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل. فقعدوا وأكل الضيف وباتا طاويين. فلما أصبح غدا على النبي a فقال:(لقد عجب اللَّه من صنيعكما بضيفكما الليلة)[1]

ومن هديه a في إكرام الضيف ما ورد في خبر إسلام عدي بن حاتم الطائي، فقد روي أنه قدم على النبي a، فأكرمه بالجلوس على وسادة، وجلس رسول الله a على الأرض، قال عدي: ثم مضى بي رسول الله a، حتى إذا دخل بيته، تناول وسادة من أدم محشوة ليفا، فقذفها إلي فقال: اجلس على هذه، قلت: بل أنت فاجلس عليها، قال: بل أنت، فجلست عليها، وجلس رسول الله a بالأرض.

احترام الضيف:

وهو أمر زائد على مجرد الإكرام، لأنه يدل على الحفاوة به، وعدم الضيق من وجوده، زيادة على ما يبثه في نفسه من المحبة لمضيفه وهي مقصد جليل من مقاصد الشارع، ولهذا قال a:(والذي نفس محمد بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)[2]

ومن مظاهر احترام الضيف التي ذكرها العلماء أن يقدّم الطست إليه ليغسل، فقد

[1] رواه البخاري ومسلم.

[2] رواه أحمد والترمذي والضياء.