وهو نفير لا
يقتصر على نفيرالجيش فقط، بل هو نفير يشمل الحياة جميعا، فكل في هذه الحياة طاقته
التي يخدم الأمة من خلالها، قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ
لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ
لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا
إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (التوبة:122)
والنفير
يقتضي السعي والاجتهاد، فلذلك يرد في القرآن الكريم الترغيب في السعي بأجمل صيغ
التعبير، قال تعالى عن صاحب موسى u:
﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى
إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ
النَّاصِحِينَ﴾ (القصص:20)، وقال تعالى عن
صاحب الرسل: ﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ
يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ (يّـس:20)، وقال تعالى عن صاحب محمد a:
﴿ وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى﴾ (عبس:8)
والمؤمن لهذا
الاجتهاد والسعي الذي يمشي به في الناس هو في الحقيقة نور يضيء ظلمات المجتمع، قال
تعالى: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً
يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ
مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (الأنعام:122)
ولهذا تضمنت
وصية لقمان u الحض على هذا النوع من التربية، فقال تعالى:
﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾
(لقمان:17)
انطلاقا من
هذه الآيات القرآنية نحاول في هذا المبحث أن نتعرف على الأصول الكبرى لهذا النوع
من التربية، وهي فيما نرى ثلاثة أصول: تنمية طاقة التحمل، والاستغناء عن المجتمع،
وخدمة المجتمع.
نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 449