ففي هذه
الآية الكريمة حض على نصر المؤمنين بعضهم بعضا، فلا يصح أن ينعم المسلم بالأمن في
الوقت الذي يصاب إخوانه بكل أنواع البلاء.
وقد قال a وهو يحض على رعاية هذا الركن:(المسلم أخو المسلم لا
يسلمه ولا يخذله)، وقال a:(انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)، قيل: يا
رسول الله! أنصره مظلوماً، فكيف أنصره ظالما؟)، قال:(تمنعه من الظلم؛ فذلك نصرك
إياه)[1]
ولأجل تحقيق
هذا الركن شرع الشارع الجهاد في سبيل الله، قال تعالى في تبرير الأمر بالجهاد مع
كونه إزهاقا للأرواح التي جاءت الشريعة لحفظها: ﴿ وَمَا لَكُمْ لا
تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ
وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ
هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً
وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً﴾ (النساء:75)
وقد ورد هذا
التبرير في مواضع مختلفة، وكلها تنطلق من أن الغرض من القتال في الإسلام ليس
المقصود منه التوسع ولا الاستعمار والسيطرة، وإنما المقصد منه نصرة المستضعفين،
قال تعالى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ
اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ (الحج:39)، وقال تعالى: ﴿
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا