واعتبره بعد
ذلك من علامات صحة التمكين في الأرض، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِنْ
مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾
(الحج:41)
وقد اعتبر a هذا التناصح ركنا من أركان الدين، فقال a:(الدين
النصيحة) ثلاثا، قلنا لمن؟ قال:(لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)[1]، فقد اعتبر a الدين نصيحة، ثم عد من النصيحة النصيحة
لأئمة المسلمين وعامتهم.
ولكن هذا
الركن يحتاج آدابا كثيرة ليس هذا محل تفصيلها، ولعل أهمها ـ كما يذكر الغزالي ـ أن يكون ذلك في سر
لا يطلع عليه أحد، لأن ما كان على الملأ فهو توبـيخ وفضيحة وما كان في السر فهو
شفقة ونصيحة، قال الشافعي :(من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه ومن وعظه علانية فقد
فضحه وشانه)، وقيل لمسعر: أتحب من يخبرك بعيوبك؟ فقال: إن نصحني فيما بـيني وبـينه
فنعم وإن قرّ عني بـين الملأ فلا.
قال الغزالي:(فالفرق
بـين التوبـيخ والنصيحة بالإِسرار والإِعلان كما أن الفرق بـين المداراة والمداهنة
بالغرض الباعث على الإِغضاء. فإن أغضيت لسلامة دينك ولما ترى من إصلاح أخيك
بالإِغضاء فأنت مدار وإن أغضيت لحظ نفسك واجتلاب شهواتك وسلامة جاهك فأنت مداهن)[2]