نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 573
ولذلك يذكر
الغزالي من أول مواصفات علماء الآخرة، إدراكهم لحقارة الدنيا بجانب ما أوتوا من
العلم، يقول الغزالي:(إن أقل درجات العالم أن يدرك حقارة الدنيا وخستها وكدورتها
وانصرامها وعظم الآخرة ودوامها وصفاء نعيمها وجلالة ملكها ويعلم أنهما متضادتان،
وأنهما كالضرتين مهما أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى، وأنهما ككفتي الميزان مهما رجحت
إحداهما خفت الأخرى، وأنهما كالمشرق والمغرب مهما قربت من أحدهما بعدت عن الآخر،
وأنهما كقدحين أحدهما مملوء والآخر فارغ فبقدر ما تصب منه في الآخر حتى يمتلىء
يفرغ الآخر. فإن من لا يعرف حقارة الدنيا وكدورتها وامتزاج لذاتها بألمها ثم
انصرام ما يصفو منها فهو فاسد العقل. فإن المشاهدة والتجربة ترشد إلى ذلك فكيف
يكون من العلماء من لا عقل له؟ ومن لا يعلم عظم أمر الآخرة ودوامها فهو كافر مسلوب
الإيمان فكيف يكون من العلماء من لا إيمان له ومن لا يعلم مضادة الدنيا للآخرة وأن
الجمع بـينهما طمع في غير مطمع؟ فهو جاهل بشرائع الأنبـياء كلهم، بل هو كافر
بالقرآن كله من أوّله إلى آخره، فكيف يعدّ من زمرة العلماء؟ ومن علم هذا كله ثم لم
يؤثر الآخرة على الدنيا فهو أسير الشيطان قد أهلكته شهوته وغلبت عليه شقوته فكيف
يعد من حزب العلماء من هذه درجته؟)[1]
وليس في هذا
الكلام أي وجه للاعتراض، لأن الدنيا المرادة هنا هي الدنيا التي تكون موضع طموح
لصاحبها، بحيث تجعله يغير من ووظيفته التي خلق لها، وهي عبادة الله إلى خدمة وجوده
القصير المحدود في هذه الدنيا.
وقد جاء في
الحديث قوله a:(من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز
وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)[2]، وقال a:(من