نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 357
والتأمل في هذه المناجاة،
والمعاني السامية التي تحملها، يدل على سر اهتمام هؤلاء القادة الكبار بها، وترغيب
شعبهم فيها، فمن المقاطع الواردة فيها: (إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنر
أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن
العظمة، وتصير أرواحنا معلقة بعزِّ قدسك، إلهي واجعلنى ممن ناديته فأجابك، ولاحظته
فصعق لجلالك)[1]
وقد علق على هذا المقطع الخميني
بقوله: (كمال الإنقطاع هذا هو الخروج من منزل الأنا والإنية ومن كل شيء وكل شخص،
والالتحاق به والانقطاع عن الغير. وهو هبةٌ إلهية إلى الأولياء الخلّص بعد الصعق
الحاصل من الجلال الذي يقع إثر اللحظ.. وما لم تُنوّر أبصار القلوب بضياء نظرته لا
تُخرق حجب النور، ومادامت هذه الحجب باقية فلا سبيل إلى معدن العظمة، ولا تحصل
الأرواح على التعلّق بعزّ القدس ولا تحصل مرتبة التدلي {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى}
[النجم: 8]، وأدنى من ذلك الفناء المطلق والوصول المطلق)[2]
ومثل ذلك نراه في وصاياه
العرفانية يكثر من الحث على الأدعية باعتبارها مصادر العرفان النظري والعملي،
ولهذا استطاع أن يحفظ العرفان الشيعي من كل ذلك الدخن الذي أصاب العرفان السني.
ومن أمثلة حثه على الالتزام
بالأدعية والتأمل فيها ودورها في بناء الإنسان وتقريبه من خالقه قوله: (هذه
الأدعية هي مصدر أمثال هذه النهضات، وهذه الأدعية هي التي توجه الإنسان للمبدأ
الغيبي لو أحسن قراءتها، ونفس هذا التوجه يؤدي إلى تقليل تعلق وحب الإنسان لنفسه،
وهذا لا يمنع الإنسان عن الحركة والنشاط، كلا، بل على العكس هو يولد حركة ونشاطا
أيضا لدي الإنسان ولكن ليس من أجل نفسه، يل إنه يدرك أنه يجب أن يتحرك