نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 359
إيران .. والقيم الأخلاقية
لا يمكن
لمجتمع أن يتم تدينه أو تحضره من غير أن تكون له مجموعة من القيم الأخلاقية التي يؤمن
بها، ويطبقها في حياته، ذلك أن الدين في جوهره ليس سوى قيما أخلاقية رفيعة جاء
الأنبياء للدعوة إليها، كما نص على ذلك رسول الله a
بقوله: (إنَّما بُعِثتُ لأُتممَ مكارمَ الأخلاق)[1]، واعتبر أن أكمل المؤمنين إيمانا
أحسنهم أخلاقا، فقال : (أكمل المؤمنين إيمانا، أحسنهم خلقا)[2]
، وجعل الخلق مقياسا للتحقق بالكمال الإنساني، فقال : ( إن أحبكم إليّ وأقربكم مني
في الآخرة مجالس محاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني مساوئكم أخلاقا
الثرثارون المتفيهقون المتشدقون)[3]
بناء على هذا نحاول في هذا الفصل بيان مدى تمسك
الإيرانيين بالقيم الأخلاقية، ومن خلالها نرى مدى تمسكهم بالدين الصحيح الأصيل،
ذلك أن أول علامات التدين المزيف سوء الخلق، وما ينشأ عنه من أمراض نفسية لها
آثارها السلبية الكثيرة في الواقع.
وكذلك نرى من خلاله مدى تحضرهم؛ فالحضارة ليست تقدما
ماديا فقط، وإنما هي قبل ذلك وبعده قيم أخلاقية، ترفع الإنسان إلى المحل الكريم
الذي أكرمه الله به.
ولبيان ذلك حاولنا أن ننظر إلى مدى اهتمام الإيرانين
بالقيم الأخلاقية، سواء على مستوى تراثهم العريق، الذي يعبر عن الواقع الاجتماعي
التاريخي، أو على مستوى الواقع المعيش الذي نراه الآن من خلال حياتهم الاجتماعية
أو مواقفهم السياسية ونحوها.
والنتيجة التي خلصنا إليها، هي أن إيران في الوقت
الحالي، تمثل ـ اجتماعيا وسياسيا وتراثيا ـ