نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 409
وعند التأمل في المنتجات
الحضارية الإيرانية في العلوم المختلفة نجد أنه كان للانفتاح دوره الكبير في كل
تلك الإبداعات الجديدة التي جاء علماء إيران في المجالات المختلفة، والتي سنرى
بعضها في المبحث الثاني من هذه الفصل.
وبناء عليه سنقتصر هنا على
مجموعة نماذج من القديم والحديث، وكيف انفتحت على الآخر في نفس الوقت الذي حافظت
فيه على ذاتها وقيمها وهويتها.
1 ـ المتقدمون من الإيرانيين
والانفتاح الحضاري:
من أقدم الأمثلة على ذلك وأحسنها
ذلك القتيل المظلوم عبد الله بن المقفع الفيروز آبادي (109 - 145 ه) ذلك الكاتب
والشاعر والمترجم الكبير، وصاحب تلك الروائع الأدبية والفلسفية التي كان لها
تأثيرها الكبير في الثقافة الإسلامية من أمثال [كليلة ودمنة]، و[الأدب الكبير]، و[الأدب
الصغير]، وغيرها، والتي استطاع أن ينقل فيها الكثير من التراث الهندي والفارسي،
ويصيغه بصياغة مقبولة شرعا وعقلا وذوقا، حتى بدا وكأنها من إبداعه الخاص.
ومنها أبو حامد الغزالي الطوسي (450 هـ - 505 هـ)، والذي عبر عن اهتمامه بكل
الثقافات، بل بكل الأديان والمذاهب، ومحاولته التعرف عليها عن كثب، لاستكناه
أسرارها، وفهم أغوارها، وقد قال معبرا عن ذلك: (ولم أزل في عنفوان شبابي ـ منذ
راهقت البلوغ، قبل بلوغ العشرين إلى الآن، وقد أناف السن على الخمسين ـ أقتحم لجة
هذا البحر العميق، وأخوض غمرته خوض الجسور، لا خوض الجبان الحذور، وأتوغل في كل
مظلمة، وأتهجّم على كل مشكلة، وأتقحم كل ورطة، وأتفحص عن عقيدة كل فرقة، وأستكشف
أسرار مذهب كل طائفة، لأميز بين محق ومبطل، ومتسنن ومبتدع، لا أغادر باطنياً إلا
وأحب أن أطلع على باطنيته، ولا ظاهرياً إلا وأريد أن أعلم حاصل ظاهريته، ولا
فلسفياً إلا وأقصد الوقوف على كنه فلسفته، ولا متكلماً إلا وأجتهد في الإطلاع على
غاية كلامه ومجادلته ولا
نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 409