نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 425
التّعليم
فاندرجت في جملة الصّنائع، وقد كنّا قدّمنا أنّ الصّنائع من منتحل الحضر وأنّ
العرب أبعد النّاس عنها فصارت العلوم لذلك حضريّة وبعد عنها العرب وعن سوقها)[1]
ثم فسر مراده
من العجم، وكون الإيرانيين أول المرادين باعتبار أنهم أول الشعوب غير العربية
تحضرا دخلت في الإسلام، فقال: (والحضر لذلك العهد هم العجم أو من هم في معناهم من
الموالي وأهل الحواضر الّذين هم يومئذ تبع للعجم في الحضارة وأحوالها من الصّنائع
والحرف لأنّهم أقوم على ذلك للحضارة الرّاسخة فيهم منذ دولة الفرس فكان صاحب صناعة
النّحو سيبويه والفارسيّ من بعده والزّجّاج من بعدهما وكلّهم عجم في أنسابهم.
وإنّما ربّوا في اللّسان العربيّ فاكتسبوه بالمربى ومخالطة العرب وصيّروه قوانين
وفنّا لمن بعدهم، وكذا حملة الحديث الّذين حفظوه عن أهل الإسلام أكثرهم عجم أو
مستعجمون باللّغة والمربى لاتّساع الفنّ بالعراق، وكان علماء أصول الفقه كلّهم
عجما كما يعرف، وكذا حملة علم الكلام وكذا أكثر المفسّرين، ولم يقم بحفظ العلم
وتدوينه إلّا الأعاجم. وظهر مصداق قوله a:
(لو تعلّق العلم بأكناف السّماء لناله قوم من أهل فارس)[2]
ومع احترامنا
لرأي ابن خلدون، ولكنا لا نتفق معه فيه، فالعرب كغيرهم من الأجناس كان يمكنهم
بالتعلم ومخالطة المتحضرين أن تتحقق فيهم القدرة على ما ذكره من صناعة، وكان يمكن
أن يبدعوا في ذلك لو أرادوا، وكما حصل مع الكثير منهم، ولكن السبب الحقيقي في ذلك
هو ما ذكره من الحديث الشريف، وهو صدق الفرس في إسلامهم، صدقا جعلهم ينذرون كل
حياتهم له.
وأما العرب، فهم
مع صدق إسلامهم إلا أن الدنيا التي حذرهم منها رسول الله a