وتنوير للأذهان،
وتنظيم هذه العملية سيحدّد المدارج العلمية ومسؤوليات كل فرد ويسدّ باب البدع،
وحتى لو ظهرت البدعة، فإنّ تواصل هذه الشرائح مع بعضها سيتيح وأدها في مهدها لئلا
تنتشر بين الناس)[1]
وهو يرجع جميع
أنواع البلاء والتخلف والفقر والاستعمار التي حصلت للمسلمين إلى ابتعادهم عن القرآن
الكريم، ويستدل لذلك بقوله تعالى: {وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ
وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ} (هود: 117)، ويستخرج منها أسباب الخلل الذي حصل للأمة
الإسلامية، ويتساءل متعجبا: (كيف أتيح للكفار أن يظهروا على المسلمين؟ ما الذي
جرى؟ كيف وصلت الحضارة الإسلامية إلى ما وصلت إليه من الضعف والانحلال والوهن بعد
عصر طويل من الازدهار والغلبة؟ كيف أضاع المسلمون جميع تلك الإمكانات والنعم؟)
ثم يطرح الحل من
خلال القرآن الكريم نفسه، ومن خلال قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما
بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد: 11))[2]
فهذه الآية
الكريمة ـ كما يذكر جمال الدين ـ هي التي تصف للأمة طريق الخروج من أزماتها، وهي
نفس الآية التي استند إليها كل المصلحين الذين جاءوا بعده، وقد قال معبرا عن
معناها: (إنّ الحكيم المبدع لهذا الكون قد وضع للأشياء
عللاً وأسباباً، ومن ثمّ لكل حادث علله ونتائجه الخاصة به، والآيات القرآنية
بدورها تصرّح بهذه الحقيقة، وهي أنّ نظام الكون تحكمه قوانين دقيقة وثابتة اصطلح
عليها بالسنن الإلهية، وأنّ التزامها والتقيّد بها يعني السير في طريق الخير
والفلاح، والحيد عنها يوجب الضلال والخسران)[3]
وقد ذكر جمال
الدين إدراك المستعمر لهذه الحقائق، ولهذا كان يحارب كل من يدعو