ومن الشبه التي
اهتم الإيرانيون، وخاصة في مشروعهم الحضاري الجديد بالرد عليها تلك النزعة التي
تحاول أن تجعل من القرآن الكريم كتابا غريبا عن الواقع، وأنه لا يمكن فهمه ولا
تطبيقه إلا من طرف المعصومين، أو تجعل منه مجموعة طلسمات، لا يفكها إلا الذين
انصرفوا عن الدنيا، وصاروا يتلقون الكشف والإلهام.
ومن أبرز الذين
فندوا هذه الشبهة، وأعادوا للقرآن الكريم واقعية فهمه وتطبيقه وتأثيره الإمام
الخميني الذي تصدى بشدة للمنهج الباطني، الذي يرى أن القرآن الكريم لا يدركه إلا المكاشفون..
كما تصدى للمدرسة الإخبارية التي تعطل فهم القرآن مباشرة، معتمدة على التفسير
بالمأثور عن الأئمة.
ولهذا نراه يصرح
كل حين بأن القرآن الكريم كتاب يمكن فهمه لجميع المسلمين كل بحسبه، ومن ذلك قوله:
(إن هذا الكتاب وهذه المائدة الممتدة في الشرق والغرب، منذ زمان الوحي حتى
القيامة، يستفيد منها الناس جميعا العامي والعالم والفيلسوف والعارف والفقيه.. وإن
الإنسان يستفيد منه على قدر استعداده، فثم مسائل يستفيد منها الفلاسفة وحكماء
الإسلام، وهناك مسائل يستفيد منها عرفاء الإسلام، ومسائل يستفيد منها الفقهاء،
فهذه المائدة عامة للجميع، وكما أن هذه الطوائف تستفيد من القرآن، فإن فيه -أيضا-
المسائل السياسية والاجتماعية والثقافية)[2]
وهو يرد على
الذين تصوروا الصراع بين الظاهر والباطن، فيقول: (.. وبناء على هذه النظرة، فمن
تمسك بالظاهر ووقف على بابه قصر وعطل، وترده الآيات والروايات المتكاثرة الدالة
على تحسين التدبر في آيات الله، والتفكر في كتبه وكلماته، ومن سلك طريق الباطن