ومن خلال هذا
المعنى يفسر المعراج الذي حصل لرسول الله a،
فيقول: (ولمّا كان من غير الممكن الوصول إلى المعراج الحقيقيّ المطلق إلّا بقدم
العبوديّة، نرى أنّ قدم العبوديّة وجذبة الربوبيّة هي الّتي أسْرَت بتلك الذات
المقدّسة إلى معراج القرب والوصول، لذا قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي
أَسْرَى بِعَبْدِهِ...﴾، ولهذا أيضاً كان تأكيد العبوديّة قبل الرسالة في
تشهّد الصلاة الّذي يمثّل الرجوع من الفناء المطلق المتحقّق في السجدة. ولعلّ في
ذلك أيضاً إشارة إلى أنّ مقام الرسالة بالنتيجة هو ثمرة لجوهرة العبوديّة)[2]
وهكذا يتحدث
الإمام الخميني عن رسول الله a مبينا مدى صلته بالله،
من خلال تلك القابليات التي لم يطقها غيره، وهو يذكر أن تلك القابليات أصيلة في
رسول الله a، بينما هي تبعية في غيره
بمقدار صلته برسول الله a.
وهذه المقولة،
أو هذا التعريف أكبر رد على تلك الفرية التي ينسبها المغرضون للإمام الخميني،
والتي تمتلئ بها المواقع والكتب، وكأنها الكفر البواح، وهي قوله ـ في خطاب له عن
الإمام المهدي ـ:(لقد جاء الأنبياء جميعا من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم،
لكنهم لم ينجحوا، حتى النبي محمد a خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية
وتنفيذ العدالة لم ينجح في ذلك)[3]، وهم يتصورون أنه بقوله هذا فضل الإمام
المهدي على رسول الله a، مع أن الأمر ليس
كذلك.
فالنصوص المقدسة
كلها تدل على ما ذكره؛ فرسول الله a
بلغ الدين كاملا، وأدى الرسالة، لكن الواقع لم يكن يسمح بانتشار الدين ولا العدالة
في عهده في الأرض جميعا،