أنبيائه
وأوليائه، وموطن تجلي الحق على قلوب عشاق المحبوب الحقيقي، فإن كان حب [عالم الملك]
ناشئاً عن حب الله باعتباره مظهرا له جلَّ وعلا؛ فهو أمر مطلوب ويستوجب الكمال.
أما إذا كان منشؤه حب النفس، فهو رأس الخطايا جميعا. فالدنيا المذمومة هي في داخلك
أنت، والتعلق بغير صاحب القلب، هو الموجب للسقوط. وجميع المخالفات لأوامر الله
وجميع المعاصي والجرائم والجنايات التي يُبتلى بها الإنسان، كلها من حب النفس الذي
يولِّد حب الدنيا وزخارفها، وحب المقام والجاه والمال ومختلف الأماني. وفي الوقت
نفسه فإن أي قلب لا يمكنه فطريا أن يتعلق بغير صاحب القلب الحقيقي لكن هذه الحجب
الظلمانية والنورانية هي التي تجعلنا نميل خطأً واشتباهاً نحو غير صاحب القلب، وهي
ظلمات فوقها ظلمات) [1]
وهو
يعتبر حب الدنيا أكبر العقبات الحائلة بين السالكين والوصول إلى الحق، ويعتبر
تحطيم صنم حب الدنيا البداية الصحيحة للسلوك التحققي والتخلقي؛ فيقول: (مادمنا في
حجاب النفس والأنانية، فنحن شيطانيّون مطرودون من محضر الرحمن، وما أصعب تحطيم هذا
الصنم الذي يعدُّ أم الأصنام؛ فنحن ما دمنا خاضعين لله (جل وعلا) ولا مطيعين
لأوامره، وما لم يُحطَّم هذا الصنم؛ فإن الحجب الظلمانية لن تتمزق ولن تُزال.
علينا أن نعرف ما هو الحجاب أولاً، فنحن إذا لم نعرفه، لن نستطيع المبادرة إلى
إزالته، أو تضعيف أثره، أو على الأقل، الحد من تزايد رسوخه وقوته بمرور الوقت) [2]
وهكذا
نراه يتدرج في خطابه ومواعظه العرفانية، ويأمر ابنه وشعبه كل حين بالمسارعة إلى
التوبة؛ فيقول: (بني: أتحدث إليك الآن وأنت ما زلت شاباً، عليك أن تنتبه إلى أن
التوبة أسهل على الشبان، كما إن إصلاح النفس وتربيتها يتم بسرعة أكبر عندهم. في
حين أن