نام کتاب : سورية والحرب الكونية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 129
التشريع، أو تلك التي تقبله، ولكن في نواح محددة
كالأحوال الشخصية ونحوها.
ويمكننا اعتبار أكثر
الأنظمة التي تتبناها الدول الإسلامية من هذا النوع، حيث نجد الأزهر في مصر ـ مثلا
ـ مستقلا في نواح كثيرة، فله علماؤه وهيئة بحوثه ومفتيه ومدارسه ومعاهده، وكلها
مستقلة تماما عن السلطة الحاكمة؛ فلا السلطة تفرض على الأزهر ما يقول، ولا الأزهر
أيضا يستطيع أن يفرض على الدولة ما تفعل.
وهكذا الأمر في
سورية ـ والتي تتهم من طرف مناوئيها بالعلمانية ـ مع كونها لا تختلف عن مصر وسائر
الدولة الإسلامية في هذا المجال، بل إننا نرى أن المساحة المتاحة للمتدينين في
سورية وخصوصا الصوفية أو مقلدة المذاهب منهم، مساحة كبيرة جدا، بل هي أكثر من
المساحة المتاحة في كثير من البلاد الإسلامية.
وهي لم تحد من حركة
الحركات الإسلامية والجماعات السلفية إلا بسبب مواقفها العدائية وخصوصا بعد أحداث
حماة، والتي اتفق فيها السلفيون والحركيون على اعتبار النظام السوري كافرا، ويجب
حربه، حينها اتخذت الحكومة السورية مواقفها المتشددة مع هذا الصنف من التدين،
متيحة المجال الكبير للمخالفين له.
وهكذا الأمر في
الجزائر، والتي كويت هي الأخرى بنيران الإرهاب التي صدرت لها من طرف الحركيين
والسلفيين.. ولذلك نرى البغض الشديد من هؤلاء للجزائر باعتبارها النظام الجزائري
محاربا للإسلام، بينما هو في الحقيقة لم يحارب سوى التطرف والعنف والإرهاب والفكر
الذي يتبناه.. أما سائر المتدينين، حتى السلفيون المسالمون منهم، فهم يتحركون
بحرية، ويقيمون الدروس في المساجد وغيرها من غير أن يمنعهم أحد.
وهذا لا يمنع من
قيام بعض العلاقة التي تربط بين كلا السلطتين الدينية والزمنية، فالرئيس الجزائري
الشاذلي بن جديد مثلا كان متأثرا بالشيخ محمد الغزالي، ويستشيره في أمور كثيرة،
وكان الشيخ الغزالي يثني عليه كثيرا، ويذكر أنه إنسان صاف على الفطرة، وكان
نام کتاب : سورية والحرب الكونية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 129