نام کتاب : سورية والحرب الكونية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 222
لكنه ما إن خيب ظنهم، وتراجع عن الوقوف معهم بعد تلك
الأخطاء الكثيرة التي ارتكبوها، والهبة الشعبية التي وقفت ضدهم.. حتى راحوا
يخونونه ويجرمونه ويعتبرونه مؤامرة عليهم، وينسون أنهم هم أنفسهم أصحاب الاختيار،
وينسون أن المعارضة حينها رفضت اختيارهم، لكنهم فرضوه بكل قوة.
وهكذا حصل لهم
في الفرصة السابقة التي أتيحت لهم، حين تبنوا الرئيس المصري السابق جمال عبد
الناصر، ووقفوا معه، واعتبروه زعيما ملهما.. لكنهم اكتشفوا في الأخير، وبعد فوات
الأوان، أن اختيارهم لم يكن فاشلا فقط، وإنما كان هاوية سحيقة سقطوا فيها سقوطا
حرا، ولفترة طويلة جدا.
وهكذا أتاح الله
لهم الفرص العديدة للاختيار، وكان في إمكانهم لو تخلوا عن تسرعهم وعجلتهم، وتحلوا
بالحكمة والرفق والأناة، وحكموا شرع الله الذي ينادون به، لا أهواءهم التي يتسترون
عليها، لكان واقعهم الآن مختلفا تماما.
لكنهم يفشلون كل
مرة في الاختيار، ولست أدري هل هو قدر إلهي قدر عليهم بسبب ذلك الغرور الذي
يعتريهم عندما يقتربون جدا من تحقيق غاياتهم، لكنهم ما إن يمدوا يدهم إليها
لتناولها حتى تقطع، أو تقيد.. أو أن الأمر موكول لإرادتهم المجردة، والتي توقعهم
كل حين فيما نرى هذه الأيام نماذج عنه.
ونحن لا نستبعد
كلا الأمرين.. فالله تعالى أخبر في القرآن الكريم عن الاستدراج، وأنه قد يملي
للناس أن يفعلوا ما يشاءون، لكنهم ما إن يتوهموا أنهم وصلوا إلى تحقيق غايتهم،
ويفرحوا بذلك، ويمتلئوا زهوا، حتى تغير عليهم جنود العزة الإلهية، فتحصد كل شيء،
كما قال تعالى عن فعله بصاحب الجنتين المغرور: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ
يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا
وَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا } [الكهف: 42]
نام کتاب : سورية والحرب الكونية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 222