responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 197

المجاهدات التي يجاهد بها السالك نفسه ليخرجها من ظلمات المعصية إلى أنوار الطاعة، ومن الغفلة إلى الذّكر، ومن الوحشة من الحقائق إلى الأنس بها.. ولذلك تراه يجهد نفسه كل حين لتذكر الحقائق والقيم المرتبطة بها حتى لا ينشغل عنها بأي شاغل([338]).

وهو يشبه ذلك الذي يسير في أرض تتوارد عليها الأنوار والظلمات، فهو كلما مر عليه الظلام أسرع إلى سراجه ليشعله، ليهتدي به في طريقه.. أما صاحب النفس المطمئنة، فقلبه المنور بنور الحقائق أصبح سراجا منيرا بحيث لا يحتاج إلى أي تكلف أو مجاهدة، لأنه مضيء في كل الأوقات، وينير له في كل الأحوال.

وإن شئت أن تصفه بكونه سراجا تلقائي الإضاءة، فلك ذلك.. ذلك أن صاحبه لا يتكلف في إشعاله، بل هو يضيء له من تلقاء ذاته كلما احتاج إلى ذلك.

ولهذا أخبر الله تعالى عن داود عليه السلام أنه بمجرد أن فطن لما حصل منه، وكونه نطق بالحكم قبل أن يسمع للخصم الثاني، أسرع مباشرة للإنابة والاستغفار، ومن غير تكلف ولا معاناة، قال تعالى: ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾ [ص: 24]

أما أصحاب النفوس اللوامة؛ فيحتاجون إلى المعارف الكثيرة التي تنبههم، حتى يسارعوا إلى الإنابة، وحتى لا تبقي الذنوب آثارها في نفوسهم، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: 201]، ثم ذكر أصحاب النفس الأمارة، فقال: ﴿وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ﴾ [الأعراف:


[338] عرفها في [جامع السعادات، ج 3 ص 88 ] بقوله: (الإنابة هو الرجوع عن كلّ شي‌ء ممّا سوى الله، والإقبال على اللّه تعالى بالسرّ والقول والفعل، حتّى يكون دائما في فكره وذكره وطاعته، فهو غاية درجات التوبة، وأقصى مراتبها، إذا التوبة هو الرجوع عن الذنب إلى اللّه، والإنابة هو الرجوع عن المباحات أيضا إليه سبحانه، فهو من المقامات العالية، والمنازل السامية)

نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست