ومثله
قال الإمام الرضا: (علّة الحجّ الوفادة إلى الله عزّ وجلّ، وطلب الزيادة، والخروج
من كلّ ما اقترف، وليكون تائباً مما مضى مستأنفاً لما يستقبل، وما فيه من استخراج
الأموال، وتعب الأبدان، وحظرها عن الشهوات واللذات، والتقرّب في العبادة إلى الله
عزّ وجلّ، والخضوع والاستكانة والذلّ، شاخصاً في الحرّ والبرد والأمن والخوف،
ثابتاً في ذلك دائماً، وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع والرغبة والرهبة إلى
الله عزّ وجلّ، ومنه ترك قساوة القلب، وخساسة الأنفس، ونسيان الذكر، وانقطاع
الرجاء والأمل، وتجديد الحقوق، وحظر الأنفس عن الفساد، ومنفعة مَن في المشرق
والمغرب، ومَن في البر والبحر، وممن يحجّ وممن لا يحجّ من تاجرٍ وجالبٍ وبايعٍ
ومشترٍ وكاتبٍ ومسكينٍ، وقضاء حوائج أهل الأطراف، والمواضع الممكن لهم الاجتماع
فيها، كذلك ليشهدوا منافع لهم)([811])
إذا
عرفت هذه المقاصد العظيمة للحج، والتي نصت عليها النصوص المقدسة، وفصلها أئمة
الهدى؛ فاعلم أن الحج المبرور لا يكون كذلك إلا بتوفر شرطين:
أولهما: تزكيته وتطهيره من كل ما يسيء إليه، أو
يضاد مقاصده.
وثانيها: الاستفادة من شعائره ومعانيها في ترقية
النفس والعروج بها إلى محال الكمال المهيئة لها.
الحج والتزكية:
أول
ما عليك معرفته ـ أيها المريد الصادق ـ بخصوص الحج أنه مدرسة خاصة بمن تسمح له
ظروفه بذلك، كما قال تعالى: ﴿وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ
اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾