نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 436
، واتباع الهوى؛ فأما طول الأمل فينسي
الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق..ألا وإنّ الدنيا قد تولّت مدبرة، والآخرة
قد أقبلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من
أبناء الدنيا، فإنّ اليوم عمل ولا حساب، والآخرة حساب ولا عمل)([941])
وقد
ذكر بعض الحكماء كيفية ممارسة هذا النوع من المجاهدة، فقال: (جاهد نفسك بأسياف
الرّياضة. والرّياضة على أربعة أوجه: القوت من الطّعام، والغمض من المنام، والحاجة
من الكلام، وحمل الأذى من جميع الأنام، فيتولّد من قلّة الطّعام موت الشّهوات، ومن
قلّة المنام صفو الإرادات، ومن قلّة الكلام السّلامة من الآفات، ومن احتمال الأذى
البلوغ إلى الغايات. وليس على العبد شيء أشدّ من الحلم عند الجفاء، والصّبر على
الأذى، وإذا تحرّكت من النّفس إرادة الشّهوات والآثام، وهاجت منها حلاوة فضول
الكلام جرّدت سيوف قلّة الطّعام من غمد التّهجّد وقلّة المنام، وضربتها بأيدي
الخمول وقلّة الكلام، حتّى تنقطع عن الظّلم والانتقام، فتأمن من بوائقها من بين
سائر الأنام، وتصفّيها من ظلمة شهواتها فتنجو من غوائل آفاتها، فتصير عند ذلك
نظيفة ونوريّة خفيفة روحانيّة، فتجول في ميدان الخيرات، وتسير في مسالك الطّاعات،
كالفرس الفاره في الميدان وكالملك المتنزّه في البستان)([943])
وقال:
(أعداء الإنسان ثلاثة: دنياه، وشيطانه، ونفسه، فاحترس من الدّنيا بالزّهد فيها،
ومن الشّيطان بمخالفته، ومن النّفس بترك الشّهوات)([944])