نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 509
والأمر إلى هذا المحل تتفق فيه النفس البشرية مع النفس
الحيوانية، وليس هناك أي خصوصية للإنسان في هذه الجوانب، وليس هناك أي مجال للمدح
أو الذم لما يتعلق بمتطلبات هذه الغرائز.
وإنما يبدأ التكليف، وينشأ المدح والذم من غريزة أخرى لها
علاقة بهذه الغرائز من جهة، ولها علاقة بسر وجود الإنسان من جهة أخرى، فهي بين
بين، وعلى أساس هذه الغريزة تتحدد علاقة الإنسان بنفسه.
وهذه الغريزة هي غريزة الإدراك المزودة بأدوات التعرف على
العالم الذي نزلت روح الإنسان إليه، ذلك أن (المحتاج إلى الغذاء ما لم يعرف الغذاء
لم تنفعه شهوة الغذاء وإلفه، فافتقر للمعرفة إلى جندين: باطن، وهو إدراك السمع
والبصر والشم واللمس والذوق، وظاهر، وهو العين والأذن والأنف وغيرها)
وزود بالإضافة إلى هذه الحواس بوسائل التعامل مع المعلومات
والمدركات، ويمكن إدراكها بسهوله (فإنّ الإنسان بعد رؤية الشيء يغمض عينه فيدرك
صورته في نفسه وهو الخيال، ثم تبقى تلك الصورة معه بسبب شيء يحفظه وهو الجند
الحافظ، ثم يتفكر فيما حفظه فيركب بعض ذلك إلى البعض، ثم يتذكر ما قد نسيه ويعود
إليه، ثم يجمع جملة معاني المحسوسات في خياله بالحس المشترك بـين المحسوسات؛ ففي
الباطن حس مشترك وتخيل وتفكر وتذكر وحفظ)
فهذه هي الغرائز التي يحفظ بها الإنسان وجوده على هذه
الأرض ـ والتي ذكرها الحكماء بناء على دراستهم التحليلية للإنسان ـ وربما استفادوا
في ذلك من غيرهم.. ولا حرج عليهم في ذلك.
والفرق بين الرؤية الإيمانية الأخلاقية والرؤية المادية
الانحلالية لهذه الغرائز، هي أن
نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 509