نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 511
منها، لأن النفس
إذا تعودت شيئا أدمنت عليه.. فإذا أدمنت بان لها أنه الأصل.. ثم يأتي هؤلاء
المحللون ليضموه إلى غرائز الإنسان.
ولذلك نرى المدمنين على المخدرات كيف يشق عليهم تركها..
ولو خيروا بين تلبية غريزة الطعام وغريزة الأفيون لاختاروا الأفيون.. فهل نترك
لهؤلاء المحللين المجال ليفرضوا على الإنسان صاحب الفطرة الأصلية ما يقع فيه ضحايا
الغرائز الشاذة؟
وهذا ما يبين دور العقل السليم في التزكية، ذلك أنه يجعل
صاحبه صاحب إرادة.. لا يستسلم لغرائزه.. وإنما يهذبها لتستقيم مع الفطرة السليمة..
ولذلك اعتبر القرآن
الكريم الغافلين عن أنفسهم ـ الذين توحد الأنا فيهم بالنفس، فلم يدركوا من وظائف
وجودهم غير إرضاء الشهوات والغرائز ـ ناسين لأنفسهم وحقيقتهم، قال تعالى:﴿وَلا
تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَO (الحشر:19)
والفاسق هو الخارج عن حقيقته المستغرق في شهواته الغافل عن
وظيفة وجوده، والآية تنبه إلى أن سر فسوقه هو نسيانه وغفلته عن الله، وفي ذلك
إشارة إلى أن معرفة الله هي الأساس والمنطلق الذي ينطلق منه من يريد أن يترقى عن
حجاب النفس.
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أنه لا يمكن
لأحد أن يزكي نفسه، وهو يعزل عقله.. ذلك أنه لا سير إلى الله، ولا إلى مقامات
السالكين إليه من دون العقل.. بل إن السير في الحقيقة ليس سوى تعميق للعقل، وتوفير
للمزيد من القابليات له.
ولهذا اعتبر الله تعالى التفكير ـ الذي هو الآلية التي
يستخدمها العقل السليم ـ وظيفة من وظائف الصالحين، لا تختلف عن الذكر وسائر
العبادات، فقد قال يمدح العارفين به من أولي الألباب، ويصف موقفهم من الكون: ﴿الَّذِينَ
يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ
فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً
سُبْحَانَكَ فَقِنَا
نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 511