نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 146
ذلك في ملكي شيئا)([196])، وافرح بها من حيث إنها هدية من اللّه إليك تدل
على أنك من مظاهر كرمه وفضله وإحسانه، فالفرح إنما هو بفضل اللّه وبرحمته، ففضل
اللّه هو هدايته وتوفيقه، ورحمته هو اجتباؤه وتقريبه)
وهذه المعاني الرفيعة هي التي تحمي المؤمن من كل الوساوس النفسية
والشيطانية التي تجعل صاحبها معجبا بعمله، مغترا به، لشعوره أنه منه، وليس من
ربه.. فإذا ما علم أنه لم يكن ليعمل أي عمل صالح من دون توفيق إلهي، يكون ذلك
تأديبا وتربية له للتخلي عن حوله وقوته، والركون إلى حول الله وقوته.
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن التوفيق والخذلان منسجمان
مع العدالة والرحمة الإلهية مثلهما مثل كل شيء في الكون؛ فيستحيل على أي شيء أن
يخرج عن قوانين العدالة والرحمة.
ولتوضيح ذلك أذكر لك أن التوفيق الإلهي بمثابة الجائزة التي ينالها من
توفرت فيه بعض الصفات الكسبية، والتي أخبر الرسل عليهم السلام عنها الخلق جميعا..
ولذلك فإن كل من يرغب في التوفيق الإلهي ليس عليه سوى الاتصاف بها، أو تنقية نفسه
مما يعارضها، حتى يصبح أهلا لذلك التوفيق.
وإن شئت توضيحا أقرب وأصح.. أذكر لك أن التوفيق والخذلان مثل عيون
منتشرة، بعضها يسيل بالماء العذب الفرات، والآخر يسيل بالملح الأجاج، وقد تُرك
للخلق حرية الاستقاء.. فمن شاء أن يستقي من المنابع العذبة نال فضلها وشفاءها
وتوفيقها، ومن استقى من غيرها نال الأدواء والبلاء والخذلان وما يرتبط بها.
وهذا ما ينسجم مع العدالة الإلهية، ذلك أنه لو كان التوفيق مخصوصا بجنس
معين
[196] رواه مسلم (4/ 1994) والترمذي (4/ 656) وأحمد
في المسند (5/ 154)
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 146