نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 272
بالأسباب الشرعية
والعادية والعقلية ظاهراً وبالمسبب الحق وحده باطناً)([332])
وقال آخر: (الغنى عن الأسباب من
خصائص الحق جل وعلا، ولذا قال: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ
الْفُقَرَاءُ إلى الله وَالله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [فاطر: 15] وقد
نظرنا في افتقارنا الحقيقي فوجدناه إنما هو إلى الأسباب فإذا قلنا: يا ربنا أطعمنا
أو اسقنا وعندنا طعام أو شراب، يقول لنا بلسان الشرع: كلوا من ذلك الطعام أو
اشربوا من ذلك الماء ويقاس بذلك العري ونحوه، فما استغنينا حينئذ بعين الحق وإنما
استغثنا بما هو من الحق فتأمل؛ فإن الاستغناء بالله دسيسة للنفس فهي مثابرة على
حصول صفة الغناء لها، فوقعت في منازعة أوصاف الربوبية من حيث لا تشعر مع أنها في
أعلى طبقات الفقر والحاجة)([333])
وقال آخر: (لا تتركوا
الأسباب لما تجدونه من قوة اليقين، فإن ذلك لا يدوم وربما عاقبكم الله بسبب
اليقين، وقد مدح الله تعالى قوماً قاموا في الأسباب ولم تشغلهم أسبابهم عن ذكر
الله بقوله تعالى: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ
ذِكْرِ الله﴾ [النور: 37])([334])
وقال آخر: (رفع الأسباب عند
الأكابر لا يعول عليه، بل من شأنهم الوقوف عند الأسباب)([335])
وهكذا؛ فإن جميع الحكماء اعتبروا التجرد الحقيقي لله غير مناف لاستعمال
الأسباب، وقد قيل لبعضهم: أريد أن أحج على التجريد، فقال له: (جرد أولاً قلبك عن
السهو، ونفسك عن اللهو، ولسانك عن اللغو، ثم اسلك حيث شئت)([336])
[332] عبد الغني النابلسي، رسالة رد الجاهل إلى
الصواب، ص 1، 3.
[333] عبد الوهاب الشعراني، كشف الحجاب والران
عن وجه أسئلة الجان، ص 58، 59.
[334] عبد الوهاب الشعراني، لطائف المنن
والأخلاق في بيان وجوب التحدث بنعمة الله على الإطلاق، ج 2 ص 37.