نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 292
ولهذا نجد في القرآن الكريم روعة التعبير عن الكون المسخر، بخلاف تعبير
العلوم الحديثة، والتي كان تقهقرها في فلسفة ما اكتشفته من معارف مساويا لتقدمها
في اكتشافاتها واختراعاتها.
وقد عقد بعض الحكماء هذه المقارنة بين التعبير القرآني في وصف الشمس في
قوله تعالى:﴿ وَجَعَلَ الشمسَ سراجاً ﴾ (نوح:16)، وبين التعبير
العلمي الحديث الجاف، فقال عن التعبير القرآني:(في تعبير السراج تصوير العالم
بصورة قصر، وتصوير الأشياء الموجودة فيه في صورة لوازم ذلك القصر، ومزيّناته،
ومطعوماته لسكان القصر ومسافريه، واحساسٌ أنه قد أحضَرتها لضيوفه وخدّامه يدُ
كريمٍ رحيم، وما الشمسُ إلاّ مأمور مسخَّر وسراج منوَّر. ففي تعبير السراج تنبيه
إلى رحمة الخالق في عظمة ربوبيته، وافهامُ إحسانه في سعة رحمته، واحساسُ كرمه في
عظمة سلطنته)([346])
أما العلم الحديث فيعرف الشمس بأنها (كتلة عظيمة من المائع الناري تدور
حول نفسها في مستقرها، تطايرت منها شرارات وهي أرضنا وسيارات أخرى فتدور هذه
الاجرام العظيمة المختلفة في الجسامة.. ضخامتها كذا.. ماهيتها كذا..)
وعقب على هذه المقارنة بقوله:(فانظر ماذا أفادتك هذه المسألة غيرَ الحيرة
المدهشة والدهشة الموحشة، فلم تُفِدْك كمالاً علمياً ولا ذوقاً روحياً ولا غاية
إنسانية ولا فائدة دينية)
وعلى هذا تقاس جميع التعبيرات القرآنية المتعلقة بالكون المسالم، ولذلك
من الجهل العظيم ما أنكره بعضهم من أن القرآن الكريم لا يتكلم عن الكائنات من
الزاوية التي يسمونها علما، ويقصرون العلم عليها.
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أنك لن تشعر بالسلام الحقيقي
إلا بعد