نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 298
ويذكر القرآن الكريم أن الجبال التي يقتصر نظرنا إلى خلقها، ليست بتلك
القسوة، وإنما هي مزودة بروح عظيمة تتيح لها كل المشاعر النبيلة، قال تعالى مخبرا
عن مشاعر الجبال تجاه شرك المشركين: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ
وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ
يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90)
أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ
يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴾ [مريم: 88 - 92]
وهكذا تذكر النصوص المقدسة قدرات التعبير المرتبطة بتلك الكائنات، فهي
تعبر عن معارفها ومشاعرها ومواقفها، ولا تكتفي فقط بإدراكها أو استشعارها، فقد قال
تعالى عن الكون المتشكل من السموات والأرض:﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّمَاءِ
وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً
قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ (فصلت:11)
وأخبر أن الكافرين يكتشفون يوم القيامة هذه القدرة التي تتمتع بها
الكائنات التي كانوا يحسبونها جامدة، قال تعالى حكاية عن كلام الجلود بعد تعجب
الكفار من كلامها: ﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا
قَالُوا أَنْطَقَنَا الله الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ (فصلت: 21)
وفوق ذلك كله تذكر النصوص المقدسة عبودية الكائنات جميعا لربها، وهو يدل
على قدرات كثيرة أتيحت لها لتتمكن من تلك العبودية الاختيارية، وأولها معرفة الله،
والتي تجعلها تسبحه وتنزهه وتحمده بالألسنة الخاصة بها.
ولذلك نفى الله تعالى عن أكثر الخلق إمكانية فقه هذه التسابيح التي يعج
بها الكون، قال تعالى:﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ
وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ
وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾
(الاسراء:44)
وعدم الفقه والتصور لا يعني في المنهج العلمي السليم إنكار ما لم يتمكن
من فقهه أو تصوره، كما قال تعالى:﴿ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ
عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 298