نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 299
أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً&﴾ (الاسراء:36)، فمن أنكر ما لم
يقف على سره وحقيقته كان مقتفيا ما ليس له به علم.
بل إن الله تعالى يذكر أن لهذه الكائنات جميعا سجودها الخاص بها، قال
تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ
وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ
الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ الله فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ الله يَفْعَلُ مَا
يَشَاءُ﴾ (الحج:18)
والسجود كما يعبر القرآن الكريم سجود شامل يشمل الشخوص والظلال، أو
الجواهر والأعراض، كما قال تعالى:﴿ وَلله يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾ (الرعد:15)
وكل هذه المعاني وغيرها، تشير إلى أن عالم الخلق مصحوب بعالم الأمر؛ فليس
هناك مخلوق إلا وقد زود بالروح الخاصة به، والتي تتيح له كل تلك الوظائف وغيرها.
وقد عبر عن ذلك بعض الحكماء، فقال: (الكونُ بجميع عوالمه حيّ ومشع مضئ
بذلك التجلي، وِالاّ لأصبح كل من العوالم - كما تراه عين الضلالة - جنازة هائلة
مخيفة تحت هذه الدنيا المؤقتة الظاهرة، وعالماً خرباً مظلماً)([349])
وقد أخبر القرآن الكريم أن هذه الحقيقة التي لا يعرفها إلا المؤمنون في
الدنيا، والتي ينكرها الجاحدون، ستصبح معلومة ضرورية يعرفها الجميع في العالم
الآخر، كما قال تعالى مخبرا عن الطاقات التي يزود بها الإنسان بعد موته، والتي
تتيح له مشاهدة ما لم يكن قادرا على مشاهدته، قال تعالى:﴿ لَقَدْ كُنْتَ
فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ
حَدِيدٌ﴾ (قّ:22)، فمن معاني الغفلة في الآية تعطل الطاقات عن أداء وظيفتها
بسبب إهمالها