أي أن المسيح عليه
السلام زود بطاقات خاصة، لضرورة الوظيفة التي كلف بها، وتلك الطاقات هي التي أتاحت
له أن ينفخ في الطين، فيتحول طيرا، وغيرها من المعجزات، كما قال تعالى: ﴿وَرَسُولًا
إلى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ
لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا
بِإِذْنِ الله وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ
الله وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 49]
وهذا لا يعني انحصار
ذلك التأييد في المسيح عليه السلام، وإنما يوهب الروح القدس، والطاقات المرتبطة به
بكل نفس تهذبت وتأدبت وترقت..
ويشير إلى هذا ذلك
الاختبار الذي قام به سليمان عليه السلام لحاشيته، والذي أراد من خلاله أن يختبر
القدرات المتاحة لهم، قال تعالى: ﴿قَالَ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ
يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ
مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ
لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا
آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا
عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ
وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي
غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)﴾ [النمل: 38 ـ 40]
وهذا يدل على أن ذلك العلم المرتبط بالكتاب، لم يكن ليعلمه لولا تلك
الروح الخاصة التي جعلته يفهم منه ما لا يفهم غيره.
ولهذا كان القرآن الكريم روحا خاصة للصادقين معهم، يتزودون من خلاله
بطاقات لم تكن لهم، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا
مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 301