نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 347
للخلافة في الأرض.
وهم لم يعرفوا تلك الأسماء التي عرضت عليهم قصورا أو نقصا، وإنما لأنه لا
حاجة لهم لأن يعرفوها، ولهذا قالوا: ﴿سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا
مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾
وهو يشير إلى أنهم وهبوا من العلوم ما يناسب وظائفهم، كما وُهب آدم عليه
السلام من العلوم ما يناسب وظيفته، فلا تفاضل في هذا ولا تزاحم.
ومثال ذلك مثال شخص أراد أن يدرس الطب؛ فهل يمتحن في العلوم المرتبطة به،
أم يمتحن في الفلك والجغرافيا؟
فكذلك الأمر مع آدم عليه السلام والملائكة، فلها من العلم ما ليس لآدم،
وله من العلم ما ليس لها، ولهذا أخبر a أن الملائكة الموكلة بالجنين لها من العلم بالإنسان ما ليس
للإنسان نفسه، قال a: (يدخُلُ الْمَلَكُ على النطفة بعد ما تستقر فى الرحم بأَربعين
أَو خمس وأَربعين ليلة فيقول: يا رب، أشقى أَم سعيد؟ فيكتبان، فيقول: يا رب أَذكر
أَم أُنثى؟ فيكتبان، ويكتب عمله وأَثره ورزقه، ثم تطوى الصحف ولا يزاد فيها ولا
ينقص) ([396])
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى على لسان موسى عليه السلام: ﴿رَبُّنَا
الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ (طه: 50)، وهو يدل على
أن الله تعالى إذا خلق خلقا أعطاه من العلوم ما يوفر له أسباب الهداية الخاصة به،
والتي قد يجهلها غيره لعدم حاجته إليها.
وذلك ليس خاصا بالإنسان والملائكة، بل بكل شيء، كما قال تعالى عن عالم
النحل: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ
بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ
الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ
مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: 68، 69]، وهو يدل على أن علم