نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 363
فيقول: اختمها بظفرك
وعلّقها في عنقك إلى يوم القيامة كما قال الله تعالى: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ
أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ﴾ [الإسراء: 13])([416])
وهذا الحديث يصور ما
يحصل بصورة تقريبية، لأنه لا يمكن لمن في هذا العالم أن يعرف حقيقة ما يجري في ذلك
العالم بكل دقة، والغرض الذي سقناه من أجله هو في قول الملك للإنسان: (يا خاطئ ما
تستحي من خالقك حين عملته في الدنيا فتستحي الآن)
وهذه الكتابة تشبه ما
يطالب به المحققون في المباحث المجرمين من كتابة جرائمهم، وتوضيحها بكل دقة، ليكون
الاعتراف مقدمة للجزاء والعقوبة.
ومن الأحاديث الواردة
في الاختبارات المرتبطة بعالم البرزخ قوله a: (إن هذه الأمة
تبتلى في قبورها فإذا أدخل المؤمن قبره وتولى عنه أصحابه، جاء مَلَكٌ شديد الإنتهار
فيقول له: ما كنت تقول في هذا الرجل)([417])
ولهذا نرى الأحاديث
المرتبطة بهذه الاختبارات تذكر ملائكة آخرين غير منكر ونكير.. وهو يدل على أن لكل
مرحلة الملائكة المكلفين بها، مثلما يحصل في الدنيا، من توكيل كل علم إلى أساتذته
المختصين فيه.
ومن تلك النشآت النشأة
التي سماها القرآن الكريم [النشأة الآخرة]، فقال: ﴿ وَأَنَّ عَلَيْهِ
النَّشْأَةَ الْأُخْرَى﴾ [النجم: 47]، وهي النشأة التي يصل فيها الإنسان
إلى قدرات كبيرة لم تكن متاحة له؛ فلذلك يتمكن من التعرف على ما لم يكن يتعرف عليه
في النشآت السابقة، وفيها يتأكد من كل أعماله بعد أن تعرض على الموازين والحساب،
ليعرف مدى عدالة الله تعالى ورحمته وكماله، وأنه هو الملوم على كل شيء وقع فيه.