نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 12
أين جئت إلى هذا المكان،
ولأي شيء خلقت، وبأي شيء سعادتك، وبأي شيء شقاؤك)([3])
ثم ذكر الصفات الكثيرة
التي تتشكل منها النفس، فقال: (لقد جمعت في باطنك صفات: منها صفات البهائم، ومنها
صفات السباع، ومنها صفات الشياطين، ومنها صفات الملائكة، فالروح حقيقة جوهرك وغيرها
غريب منك، وعارية عندك.. فالواجب عليك أن تعرف هذا، وتعرف أن لكل واحد من هؤلاء
غذاء وسعادة.. فإن سعادة البهائم في الأكل، والشرب، والنوم، فإن كنت منهم فاجتهد
في أعمالهم.. وسعادة السباع في الضرب، والفتك.. وسعادة الشياطين في المكر، والشر،
والحيل. فإن كنت منهم فاشتغل باشتغالهم)([4])
ثم ذكر المرتبة العالية،
مرتبة النفس المطمئنة، تلك التي يترقى فيها الإنسان إلى حقيقته التي خلقه الله
عليها، ولأجلها، فقال: (وسعادة الملائكة في مشاهدة جمال الحضرة الربوبية، وليس
للغضب والشهوة إليهم طريق؛ فإن كنت من جوهر الملائكة، فاجتهد في معرفة أصلك؛ حتى
تعرف الطريق إلى الحضرة الإلهية، وتبلغ إلى مشاهدة الجلال والجمال، وتخلص نفسك من
قيد الشهوة والغضب، وتعلم أن هذه الصفات لأي شيء ركبت فيك؛ فما خلقها الله تعالى
لتكون أسيرها، ولكن خلقها حتى تكون أسرك، وتسخرها للسفر الذي قدامك، وتجعل إحداها
مركبك، والأخرى سلاحك؛ حتى تصيد بها سعادتك. فإذا بلغت غرضك فقاوم بها تحت قدميك،
وارجع إلى مكان سعادتك. وذلك المكان قرار خواص الحضرة الإلهية، وقرار العوام درجات
الجنة) ([5])