وذكر موقفهم من تلك التهديدات
التي كانت توجه لهم كل حين: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ
النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا
حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ
اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ
وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)﴾ (آل عمران)
ولم يقتصر الأمر في النصوص
المقدسة على الثناء على المتوكلين، وإنما ورد الأمر به، باعتباره شعيرة من الشعائر
التعبدية الباطنية التي لا تختلف في وجوبها عن الشعائر التعبدية الظاهرية.
ويدل على ذلك الوجوب قوله تعالى:﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ (آل عمران: 159)
ومثلها تلك النصوص التي
تخاطب رسول الله a باللجوء إلى الله في
كل حين؛ فالمراد منها جميع الأمة، لا شخص رسول الله a
فقط، ومنها قوله تعالى:﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ
لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة:51)،
وقوله:﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ (التوبة:129)
وهكذا ورد في السنة
المطهرة الحث والترغيب في التوكل، ومن تلك الترغيبات العظيمة إخباره a
عن إعفاء المتوكلين من الحساب يوم القيامة، لدور التوكل في تطهير صحائفهم من
الذنوب بأنواعها، قال a: (عرضت علي الأمم،
فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحدٌ إذ
رفع لي سوادٌ عظيمٌ فظننت أنهم أمتي، فقيل لي:
نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 160