نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 229
المختلطة التي حذر رسول الله a من
دخنها.
وعندما تعود إلى تلك المصادر نجدها
تذكر التوبة بأركانها جميعا، وبحقيقتها الشرعية، ولا تعتبر غيرها.. وحتى في
المنازل الرفيعة يبقى لها معناها، وإن كان يختلف عمقها ودرجتها.
وذلك مثل الثوب الذي يصاب بأوساخ
كثيرة؛ فإنك إن غسلته وطهرته من أكثر أوساخه، يكون قد تطهر بالنسبة لما كان عليه،
ولكنه يظل متسخا بالنسبة للثوب الجديد الذي لم يصبه أي دنس..
وبما أن النفس المطمئنة تسير تصاعديا
في سلم الكمال؛ فإنها تكتشف كل حين قصورا ونقصا، لأنه لا يسير إلى الكمال إلا من
شعر بالنقص والقصور.
ولذلك أخبر الله تعالى عن توبته على
أشرف خلقه، وأخبر رسول الله a عن مسارعته كل حين للتوبة، وذلك لا يعني سوى الترقي في مراتب
الكمال، الذي يشعر صاحبه بقصوره في الدرجة التي كان فيها.
وقد قال بعض الحكماء معبرا عن ذلك: (توبة
الرسل والأنبياء عليهم السلام ليست من ذنب ولا من نقص، فإنهم الأكملون في أنفسهم، المكملون
غيرهم فلهذا نقول: التوبة لا تستلزم الذنب والمخالفة لأمر الله تعالى.. فقد يكونان
مما يراه التائب غير لائق بجلال مولاه بحسب مرتبة التائب ومقامه، ومرتبة علمه
بجلال إلهه وعظمته، وحقارة العبودة وافتقارها، وإن لم يكن ذلك الأمر ذنباً منهياً
عنه، وأكمل الخلق علماً بهذا وقياماً بمقتضاه الأنبياء عليهم السلام، ولهذا ترى الأنبياء عليهم السلام يتوبون ويستغفرون من أشياء هي عند الأولياء من أكبر القربات، فضلاً عن عامة المؤمنين، وانظر إلى ذنوبهم التي يذكرونها عند طلب الخلائق منهم الشفاعة يوم القيامة تعرف هذا. فعلو مقامهم، وكمال علمهم
نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 229