نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 359
146]
وهذه
النصوص وغيرها تدلك ـ أيها المريد الصادق ـ على كيفية الجمع بين الرجاء والخشية،
والأمل والشفقة، وحسن الظن والخوف.. فلكل منها محله الخاص به، فلا تناقض بينها،
ولا نفور.
فالمؤمن
يرجو الله، ويحسن الظن به، ويأمل في فضله، نتيجة معرفته بأسماء لطفه ورحمته
وكرمه.. وذلك ما يملؤه سرورا وسعادة وفرحا، كما قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ
اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾
[يونس: 58]
لكنه
في نفس الوقت عندما يتأمل في نفسه ومثالبها وعيوبها، يتذكر أن الرحمة الإلهية
مرتبطة بالعدالة الإلهية.. فكلاهما اسمان من أسماء الله الحسنى، ولكليهما
القابليات الخاصة به، ولذلك يختلط رجاؤه وأمله وحسن ظنه بخشيته وشفقته وخوفه.. لا
لأن الله ليس رحيما، ولكن لأن النفس قد لا تستحق بعض مظاهر رحمته.
وهذا
ما يشير إليه قوله تعالى في وصف المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا
آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60)
أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾
[المؤمنون: 60، 61]، قد سئل رسول الله a
عنها، فقيل له: أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر، وهو مع ذلك يخاف
الله؟ قال: (لا، ولكن الرجل يصوم ويتصدق ويصلي، وهو مع ذلك يخاف الله أن لا يتقبل
منه)([845])
والفرق
بين هذا، وبين الذي يسيء الظن بالله، هو الفرق بين من يرى أستاذه رحيما لطيفا في
غاية الأدب والرقة.. وبين من يراه قاسيا جلفا غليظا ظالما.. فهذه الرؤية هي التي