نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 428
قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ&﴾
[المؤمنون: 78]
وقد قال الإمام
علي، في بعض
مواعظه: (فما أقل من قبلها، وحملها حق حملها، أولئك الأقلون عددا، وهم أهل صفة
الله سبحانه إذ يقول: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ:
13])([1023])
وقال الإمام الصادق مبينا سر قلة
الشاكرين: (لو كان عند الله عبادة يتعبد بها عباده المخلصون أفضل من الشكر على كل
حال لأطلق لفظه فيهم من جميع الخلق بها، فلما لم يكن أفضل منها خصها من بين
العبادات وخص أربابها، فقال تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ
الشَّكُورُ﴾ [سبأ: 13])([1024])
وذلك يعود إلى أن الشكر
ليس مجرد كلمات يتفوه بها اللسان، أو حال يسيطر على القلب، وإنما هو منهج حياة
كاملة، ذلك أن من أول شروط الشكر على النعم ألا تستعمل إلا في المواضع التي أُمر
العبد باستعمالها فيها، كما عبر الشاعر عن ذلك بقوله:
أفادتكم
النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا
وهو واضح لكل العقول، ذلك أن من فرح
بشيء فرحا استولى على كيانه، فإنه لا محالة سيتحرك بموجب ما يهديه إليه فرحه.. فمن
فرح بمركوب ركبه، ومن فرح بمأكول أكله.. ومن فرح بشيء ارتبط به.
وهكذا فرح من رأى نعم الله عليه، فإنه
لا محالة يستعملها.. ولكن الفرق بين استعماله لها واستعمال غيره هو أنه يستعملها
في طاعة مولاه الذي أهداها له.. فلا يحق لمن أهديت له هدية أن يستعملها في مضادة
من أهداها له...