نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 122
ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بتلك الشريعة الحكيمة التي من الله تعالى بها على
عباده، ليتمكنوا من خلال الالتزام بها العودة إلى حقيقتهم وجبلتهم وفطرتهم.
ولهذا سمى الله تعالى شريعته الخاتمة بكونها شريعة الفطرة، كما قال
تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ الله الَّتِي
فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله ذَلِكَ الدِّينُ
الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: 30]
وهذا لا يعني أن سائر الشرائع لم تكن دالة على الفطرة، بل كل الشرائع فعلت
ذلك، ولكن خصوصية هذه الشريعة، بسبب كونها للناس كافة، وكونها خاتمة الشرائع، أنها
لم تحو تلك الخصوصيات التي اختصت بها بعض الشعوب التي نزلت الرسائل الإلهية خاصة
بها، والتي قد لا تتناسب مع غيرها.
ولعل أقرب مثال لهذا تلك الأجهزة التي تصمم لجهات معينة، أو ذوي
الاحتياجات الخاصة، والتي تتناسب مع طبائعهم وحاجاتهم، ولا تتناسب مع غيرهم.
ومن الأمثلة على هذا ما ورد في شريعة موسى عليه السلام من التشديدات التي
تتناسب مع الفطرة الإسرائيلية التي انتكست وانحرفت عن مسارها، كما قال تعالى: ﴿
فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ
لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ الله كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا
وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا
لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النساء: 160، 161]
أي بسبب ظلمهم وصدهم عن سبيل الله وغير ذلك من الآثام شدد عليهم، فحرمت
عليهم الطيبات التي كان أصلها حلالا.. وهذا يدل على أن الطبيعة القاسية المتأبية لبني
إسرائيل هي السر فيما لحق شريعتهم من التشديد، وإلا فإن شريعة الله واحدة.
وقد ذكر الله تعالى بعض النماذج عن هذه الطيبات المحرمة، فقال: ﴿
وَعَلَى الَّذِينَ
نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 122