responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 247

ولهذا قد يحزن الشخص ويتألم مع كونه يعيش أرغد عيش، ولهذا نسمع عن حالات الاكتئاب الشديد، بل الانتحار المصاحب له، من ناس ممتلئين بالرفاه، وكل ألوان النعيم، في نفس الوقت الذي نرى فيه البسطاء يمرون بالأزمات الصعبة، ومع ذلك نراهم يتحملون، بل نجدهم أحيانا كثيرة يضحكون منشغلين عنها بما أودع الله في قلوبهم من الفرح الذي لا سبب له.

وقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى في قوله: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ [النجم: 43]، أي أن الله تعالى هو مسبب هذين الانفعالين وخالقهما، ومرسلهما لمن شاء من خلقه.

وأشار إليه كذلك قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾ [طه: 124]، فضنك العيش لا يعني ضيقه الحسي، وإنما يعني الضيق المعنوي، والآلام النفسية المصاحبة له.

ولهذا يذكر الحكماء الفرح الذي يعتري الصالحين عند كل مرتبة تنزل فيها نفوسهم المطمئنة الراضية، كما عبر عن ذلك بعضهم بقوله: (الناس في الفرح بالله على أربع طبقات: إنما هو المعطى، والمعطى، والإعطاء، والعطاء.. فمن الناس من فرح بالمعطي، ومنهم من فرح بالمعطى - وهو نفسه - ومنهم من فرح بالإعطاء، ومنهم من فرح بالعطاء) ([222])

وقال آخر: (الفرح بالطاعة على ثلاثة أقسام: قسم فرحوا بها لما يرجون عليها من النعيم ويدفعون بها من عذابه الأليم فهم يرون صدورها من أنفسهم لأنفسهم لم يتبرؤا فيها من حولهم وقوتهم وهم من أهل قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾.. وقسم فرحوا بها من حيث أنها عنوان الرضى والقبول وسبب في القرب والوصول فهي هدايا من الملك الكريم ومطايا تحملهم إلى حضرة النعيم لا يرون لأنفسهم تركا ولا فعلا ولا قوة ولا حولا يرون أنهم


[222] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ج 10 ص 249.

نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست