نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 50
وقد قال قبل موته: (والله ما فجأني من الموت وارد فكرهته، ولا طالع
أنكرته، وما كنت إلا كقارب ورد، وطالب وجد، وما عند الله خير للأبرار) ([27])
وروي عن الإمام السجاد أنه كان يقول في دعائه إذا ذكر الموت: (اللهم اكفنا
طـول الأمل، وقصره عنا بصدق العمل حتى لا نأمل استتمام ساعة بعد ساعة ولا استيفاء
يوم بعد يوم، ولا اتصال نفس بنفس، ولا لحـوق قدم بقـدم، وسلمنا من غروره، وآمنـا
من شـروره، وانصب الموت بين أيدينا نصبا، ولا تجعل ذكرنا له غبا، واجعل لنا من
صالح الأعمال عملا نستبطئ معه المصير إليك، ونحـرص له على وشك اللحاق بك حتى يكون
الموت مأنسنا الذي نأنس به، ومألفنا الذي نشتاق إليه، وحامتنا التي نحب الدنو منها
فإذا أوردته علينا، وأنزلته بنا فأسعدنا به زائرا، وآنسنا به قادما، ولا تشقنا
بضيافته، ولا تخزنا بزيارته، واجعله بابا من أبواب مغفرتك، ومفتاحا من مفاتيح
رحمتك.. أمتنا مهتدين غير ضالين طائعين غير مستكرهين تائبين غير عاصين ولا مصرين
يا ضامن جزاء المحسنين، ومستصلح عمل المفسدين)([28])
وكل هذه المقولات وغيرها
تدل على تصور المؤمنين للموت، والممتلئ بالمعاني الجميلة في نفس الوقت الذي يتشاءم
منه الغافلون، ويمتلئون حزنا، لأنهم يرون فيه صورة الوحش الذي ينقض على الحياة
الوحيدة التي يملكونها، بينما يراه المؤمنون في صورة المركب الذي يحملهم إلى
الحياة السعيدة التي تنتظرهم.
ولهذا اختبر الله تعالى
إيمان اليهود الذين زعموا الولاية لأنفسهم بقوله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لله مِنْ دُونِ النَّاسِ
فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾