ولهذا أُمر رسول الله a وكل من سار على قدمه وسنته بتبشير المخطئين، وبث الأمل في نفوسهم
بمغفرة الله خطاياهم، وتوبته عليهم إن هم عادوا إليه، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا
جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ
رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً
بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
(الأنعام:54)، وقال:﴿ يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ
فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (الأنفال:70)
وفي مقابل ذلك نُهي نهيا شديدا من زرع اليأس في
قلوب المذنبين، ففي الحديث عن رسول الله a: (أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله: من ذا الذي يتألى
علي أن لا أغفر لفلان؟ فاني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك) ([68])
وفي حديث آخر، قال a: (ألا أحدثكم حديث رجلين من بني إسرائيل؟ كان أحدهما يسرف على
نفسه، وكان الآخر يراه بنو إسرائيل أنه أفضلهم في الدين والعلم والخلق، فذكر عنده
صاحبه، فقال: لن يغفر الله له، فقال الله لملائكته: ألم يعلم أني أرحم الراحمين؟
ألم يعلم أن رحمتي سبقت غضبي؟ فاني أوجبت لهذا الرحمة، وأوجبت على هذا العذاب، فذا
تتألوا على الله) ([69])
وقال a: (قال رجل لا يغفر الله لفلان، فأوحى الله إلى نبي من الانبياء
أنها خطيئة،