نام کتاب : الإمامة والامتداد الرسالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 10
124]
فإبراهيم عليه السلام ـ لحرصه الشديد على هداية الخلق ـ لم يكتف بأهل
زمانه، وإنما تطلع لسائر الأزمنة، سائلا الله تعالى أن يرزقهم من أئمة الهدى من
يحفظون لهم الهداية الإلهية.
ومن هذه الآية الكريمة اخترنا هذا الاصطلاح [الإمام]، وربطناه بـ
[الامتداد الرسالي].. ذلك أن النبوة محدودة في مدتها، وأجلها، وقد انتهت أدوارها
بوفاة آخر الرسل عليهم السلام، ولذلك لم يبق إلا الإمام.
وسر ذلك واضح.. ذلك أن النبوة تتضمن إيصال التعاليم الإلهية إلى العباد
لتطبيقها في حياتهم، ثم يقوم الإمام بعد ذلك بشرح تلك التعاليم، وخاصة في الزمن
الذي يتسلل فيه البغاة للتحريف والتبديل.
وقد أشار إلى هذا قوله تعالى ـ مشيرا إلى منابع الهداية الثلاثة: الكتاب،
والنبوة، والإمامة ـ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي
مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) وَجَعَلْنَا
مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾
[السجدة: 23، 24]؛ فقد قرن الله تعالى الإمامة بالهداية، أي أن دور الإمام هو حفظ
الهداية من أن يتسلل إليها المتسللون عبر استثمار المتشابه، واستعماله وسيلة
للفتنة.
وهكذا ورد الإخبار عن هذه السنة الإلهية في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا
الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ [فاطر: 32]، ثم بين مواقف
الأمم من هؤلاء المصطفين، فقال: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ
مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [فاطر:
32]
وبذلك؛ فإن القرآن الكريم يشير إلى أن أئمة الهدى يتعرضون ـ مثلما تعرض
الأنبياء ـ لمواجهة أصحاب الفتن، ومتبعي الشبهات، والذين لا يكتفون بتحريف الدين،
نام کتاب : الإمامة والامتداد الرسالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 10