نام کتاب : الإمامة والامتداد الرسالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 221
واللزوم، وقد ورد في القرآن الكريم
التشديد على إجابة رسول الله a
مطلقا، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ
وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال: 24]، بل حذر
بعدها من الفتنة التي قد تنجر من عدم إجابته، فقال: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً
لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ
شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25]
ثم كيف يقال بأن ذلك الأمر لم يكن
على سبيل الحتم واللزوم، وقد قال a مبينا أهميته وخطره: (هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده)، فهل
هناك شيء أهم من عدم الضلال.. بل عدم الضلال الأبدي؟
وقريب مما ذكره المازري ما ذكره البيهقي
في (دلائل النبوة) عندما قال: (إنما قصد عمر التخفيف على رسول الله a حين غلبه الوجع، ولو كان مراده a أن يكتب ما لا يستغنون عنه لم يتركه
لاختلافهم ولا لغيره لقوله تعالى ﴿ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾
[المائدة: 67] كما لم يترك تبليغ غير ذلك لمخالفة من خالفه ومعاداة من عاداه، وكما
أمر في ذلك الحال بإخراج اليهود من جزيرة العرب وغير ذلك مما ذكره في الحديث)[1]
وما ذكره البيهقي لا يقل غرابة عما
ذكره المازري، لأنه يتنافى مع ما ورد في الحديث من الاهتمام بالوصية، أما ترك رسول
الله a للكتابة، فليس تقصيرا منه a، وإنما يفسر الأمر فيها كما
يفسر سكوته عن تحديد ليلة القدر بعدما حصل التنازع.
فعن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي
a ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى (أي
تخاصم وتنازع) رجلان من المسلمين، فقال: (خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان
وفلان فرُفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة)[2]