وقد عبر عن هذه المصالح
الشيخ الإبراهيمي، فقال: (لم يكن تأسيس
جمعية العلماء المسلمين خفيف الوقع على الجماعات التي ألفت استغلال جهل الأمة
وسذاجتها وعاشت على موتها، ولكن التيار كان جارفًا لا يقوم له شيء، فما كان من تلك
الجماعات إلّا أن سايرت الجمعية في الظاهر وأسرت لها الكيد في الباطن، وكان المجلس
الإداري الذي تألف بالاختيار في السنة الأولى غير منقح ولا منسجم لمكان العجلة
والتسامح، فكان من بين أعضائه أولو بقية يخضعون للزوايا وأصحابها رغبًا ورهبًا،
وكان وجودهم في مجلس الإدارة مسليًا لشيوخ الطرق ومخففًا من تشاؤمهم بالجمعية
لسهولة استخدامهم لهم عند الحاجة، فإما أن يتخذوهم أدوات لإفساد الجمعية وإسقاطها،
وإما أن يتذرعوا بهم لتصريفها في مصالحهم وأهوائهم)[2]
ومن خلال هذا النص يتبين لنا أن الطرق الصوفية لم تكن
راضية عن تلك الشحناء التي كانت منصبة عليها، ولذلك كانت تلتمس كل السبل لتتقي
هجومات الإصلاحيين عليها، ومن أدلة ذلك ما سنراه من دعوات للإصلاح بين الطرفين.
3 ــ مصالح
الجزائر المتعلقة بالتوافق:
لقد عرفنا في الفصل الأول أن المجتمع الجزائري منذ
قرون طويلة كان مرتبطا في نواحيه جميعا الدينية والاجتماعية والثقافية بل حتى
السياسية بالطرق الصوفية ارتباطا شديدا، ولذلك استطاع رجال الطرق أن يجندوا بسهولة
أتباعهم لمحاربة المستعمر، وكان لها السبق في ذلك.