نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والطرق الصوفية وتاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 311
نفسه.
وأحب أن أذكر هنا حادثة
شخصية ترتبط بشخص يعتبر نفسه من العلماء الكبار، وقد سمعته في محاضرة يحرض على
إحراق كتب الغزالي، فطلبت
الكلام فلم يؤذن لي، وبعد انتهاء المحاضرة التقيت به، وقلت له بأدب: أريد أن
أناقشك في مسألة ذكرتها في المحاضرة، فنظر إلي شزرا، وقال: من أنت حتى تناقشني، لا
بد أن تصير في مستواي حتى تناقشني.
أقول هذا من باب
الشهادة لله في الوقت الذي كان الشيخ محمد بلقايد رحمه الله
يحضر إليه الكثير من أصحاب الاتجاه السلفي ساخرين منه، فلم يكن يقابلهم إلا
بالأدب، ويجيب على أسئلتهم بكل احترام، وهكذا كل من عرفته من مشايخ الصوفية، والسر
بسيط، وهو أن التصوف بالمفاهيم العميقة التي يملأ بها أصحابه يجعل صدورهم أوسع من
أن تضيق بأي خلاف أو أي مخالف.
2 ــ الانتقائية في التعامل مع القضايا العلمية:
المنهج العلمي، وخاصة
المنهج المقارن يستدعي البحث الشامل والموضوعي في كل ما يذكره المخالف، والرد عليه
بناء على ذلك، ونفس الشيء بالنسبة للمصادر التي يرجع إليها، فإن المنهج العلمي
يقتضي عدم الانتقائية أو التقطيع فيها.
وهذا المنهج لم يقرره
المحدثون فقط، بل هو منهج مقرر من قديم في العالم الإسلامي، ونحب هنا أن نأخذ
نموذجا من العلماء القدامى لنقارنه بمنهج علماء الجمعية، ونرى مدى تحقق الموضوعية
العلمية بين الطرفين:
وهذا النموذج هو أبو
حامد الغزالي، والطرف
الذي توجه إليه خلاف الغزالي ليس رجل
دين، وإنما هم الفلاسفة، الذين ينظر إليهم الاتجاه السلفي نظرته الاستئصالية، لكن
الغزالي لم يفعل
ذلك، بل إنه أمضى سنين محترمة من عمره يدرس الفلسفة قبل أن يقدم على
نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والطرق الصوفية وتاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 311