لعل أول من أشار إلى الدور اليهودي في
إشاعة وتلفيق مجزرة بني قريظة مالك بن أنس، إمام المذهب المالكي، وهو أكثر العلماء
المعتبرين ثقة وورعا وتمسكا بالسلف لدى المدرسة السلفية نفسها، وذلك بسبب تشدده مع
الرواة، ومع كل ما يخالف مذاهب السلف المتقدمين، حتى أنه ينكر أحاديث رويت في
الصحيحين من أجل اتهمامه لرواتها.
وقد أشاد به في هذه الناحية كل السلفيين
ابتداء من ابن تيمية نفسه، والذي اعتبره من كبار مراجع المدرسة السنية المعتمد
عليهم، والذين يرجع إليهم عند الخلاف؛ ومما قاله عنه: (لا ريب عند أحد أن مالكا
أقوم الناس بمذهب أهل المدينة رواية ورأيا؛ فإنه لم يكن في عصره ولا بعده أقوم
بذلك منه كان له من المكانة عند أهل الإسلام الخاص منهم والعام ما لا يخفى على من
له بالعلم أدنى إلمام..ولهذا قال الشافعي: ما تحت أديم السماء كتاب أكثر صوابا بعد
كتاب الله من موطأ مالك. وهو كما قال الشافعي)[1]
وكان الأصل أن يرجع إليه أهل الحديث
لتبين موقفه من هذه المجزرة، لكنهم ـ للأسف ـ لم يفعلوا بسبب الانتقائية في
مواقفهم، ذلك أن الإمام مالك
[1] مجموع الفتاوى، تقي الدين أبو
العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى: 728هـ)، المحقق: عبد الرحمن
بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة
العربية السعودية، 1416هـ/1995م، (20/ 320)