معك في حصنك حتى
يصيبني ما أصابك. فنقض كعب بن أسد عهده، وبرئ مما كان بينه وبين رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم)[1]
وذكر الواقدي قصة أخرى شبيهة، حيث قال:
(فلما أتى حيي إلى بني قريظة كرهت بنو قريظة دخوله دارهم، فكان أول من لقيه غزال
بن سموأل، فقال له حيي: قد جئتك بما تستريح به من محمد، هذه قريش قد حلت وادي
العقيق، وغطفان بالزغابة. قال غزال: جئتنا والله بذل الدهر! قال حيي: لا تقل هذا!)[2]
وهاتان الروايتان تبرئان عوام بني قريظة
من تهمة الخيانة، بل تصوران الأمر خاصا برؤسائهم، بل برئيسهم الأكبر كعب بن أسد
القرظي، بل تصوره هو نفسه بصورة الحريص على الوفاء بالعهد لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم..
وبذلك تضع أمام المسلمين فرصة طيبة لاستثمار ذلك الموقف الطيب منه، ومن قومه للعفو
عنهم، أو الاكتفاء بإجلائهم مثلما حصل مع نظرائهم من بني النضير أو بني قينقاع،
والذين كانت خيانتهم أعظم.
وبذلك تصور المسلمين، ورسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
معهم بصورة الظلمة، الذين ينفذون الأحكام القاسية عليهم مع عدم استحقاقهم لذلك،
وكل ذلك يدل على أن مصدر الرواية يهودي؛ فالقرآن الكريم ذكر ذلك عنهم؛ فقال: ﴿يَاأَهْلَ
الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا
بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا
آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ
دِينَكُمْ﴾ [آل عمران: 71 - 73]، وقال:
[2] المغازي، محمد بن عمر بن واقد
السهمي الأسلمي بالولاء، المدني، أبو عبد الله، الواقدي، تحقيق: مارسدن جونس،
الناشر: دار الأعلمي – بيروت، الطبعة: الثالثة - 1409/1989، (2/
455)