دخلنا الحصن الرابع، فرأينا على بابه صورا
لنوافذ كثيرة ترسم حروف قوله تعالى:﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا
تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾(النحل:78)
قلت للمعلم: ما هذا الحصن؟ وما علاقة الآية به؟
قال: هذا حصن التواصل.. فالله تعالى جعل في جسم الإنسان وروحه ما
يمكنه من التواصل مع العالم الذي يعيش فيه.. والآية الكريمة تمن على الخلق بهذه
النعمة.. نعمة التواصل.
قلت: بين لي سر كون التواصل نعمة.. فلا يدرك الشكر إلا بإدراك
النعمة.
قال: لا قيمة للوجود بلا تواصل..
قلت: كيف ذلك؟
قال: أرأيت لو عزلت عن هذا العالم عزلا تاما.. فلا ترى ما فيه ولا
تسمع، بل ولا تلمس ولا تشم، ولا تدرك ما فيه من حقائق وجمال.. فهل يكون لوجودك أي
معنى؟
قلت: لا.. إني في تلك الحالة أشبه بالجماد.
قال: ولذلك كان التواصل وأدوات التواصل من النعم الكبرى التي تمد
حياتك بالحياة، ووجودك بالوجود.
قلت: أدركت هذا، وفقهته.. لكن ما علاقة هذا بالصحة، وبحصون الصحة.
قال: لقد أمدنا الله بوسائل الإدراك لنرتقي بها في سلم الوصول إليه..
ولنؤدي بها الوظائف التي كلفنا بها.. وكل ذلك يستدعي حفظها.. فبحفظها يحفظنا الله.
قلت: أحفظنا لأدوات التواصل التي أمدها الله لنا هو سبب حفظنا؟