ثم قال يصف رجوعه إلى الخليفة،
بما معه من الأموال حتى يرغبه في الإذن له بفتح الأندلس: (ثم سار إلى قرطبة، ثم
قفل عن الأندلس سنة أربع وتسعين، فأتى إفريقية، وسار عنها سنة خمس وتسعين إلى
الشام يؤمّ الوليد بن عبد الملك يجرّ الدنيا بما احتمله من غنائم الأندلس من
الأموال والأمتعة يحملها على العجل والظّهر، ومعه ثلاثون ألف رأسٍ من السبي)[2]
وكان يرجو من وراء كل تلك
الغنائم أن يثبته على قيادة الجيوش، ويأذن له باستكمال فتح الأندلس أو ربما أوروبا
جميعا، لكنه مات قبل أن يصل إليه، فحصلت النكبة له، أو كما قال المقري: (فلم يلبث
أن هلك الوليد بن عبد الملك وولي سليمان، فنكب موسى نكباً أداه إلى المتربة)
ونحب أن نذكر أن هذا الخادم
المخلص لأصحاب الملك العضوض الذين توهمنا أنهم فتحوا الأرض ليخلصوها من المستبدين،
وينشروا الإسلام، كان قد ارتكب قبل ذلك بالمغرب جرائم بشعة لا يمكن تصورها.. ومنها
ما ذكره المقري في [نفح
الطيب] بقوله: (إن موسى بن نصير ولي إفريقية والمغرب سنة سبع وسبعين فقدمها ومعه
جماعةٌ من الجند، فبلغه أن بأطراف البلاد من هو خارجٌ عن الطاعة، فوجّه ولده عبد
الله، فأتاه بمائة ألف رأسٍ من السبايا، ثم ولده مروان إلى جهةٍ أخرى، فأتاه بمائة
ألف رأسٍ، وقال الليث بن سعد: بلغ الخمس ستين ألف رأس، وقال الصّدفي: لم يسمع في
الإسلام بمثل سبايا موسى بن نصير)[3]