نام کتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 16
ونازل حصن
الشوبك[1]، وبينه وبين الكرك يوم، وحصره، وضيَّق على
مَنْ به من الفرنج، وأدام القتال، وطلبوا الأمان، واستمهلوه عشرة أيام، فأجابهم
إلى ذلك. فلما سمع نور الدين بما فعله صلاح الدين سار عن دمشق قاصداً بلاد الفرنج
أيضاً؛ ليدخل إليها من جهة أخرى، فقيل لصلاح الدين: إن دخل نور الدين بلاد الفرنج
وهم على هذه الحال: أنت من جانب ونور الدين من جانب، ملكها، ومتى زال الفرنج عن
الطريق وأخذ ملكهم لم يبق بديار مصر مقام مع نور الدين، وإن جاء نور الدين إليك
وأنت ههنا، فلا بد لك من الاجتماع به، وحينئذ يكون هو المتحكّم فيك بما شاء، إن
شاء تركك، وإن شاء عزلك، فقد لا تقدر على الامتناع عليه، والمصلحة الرجوع إلى مصر.
فرحل عن الشوبك عائداً إلى مصر، ولم يأخذه من الفرنج، وكتب إلى نور الدين يعتذر
باختلال البلاد المصرية لأمور بلغتْه عن بعض شيعته العلويين، وأنهم عازمون على
الوثوب بها، فإنه يخاف عليها من البعد عنها أن يقوم أهلها على من تخلّف بها،
فيخرجوهم وتعود ممتنعة، وأطال الاعتذار، فلم يقبلها نور الدين منه، وتغيَّر عليه،
وعزم على الدخول إلى مصر وإخراجه عنها)[2]
ومن الأمثلة
عليها ما ذكره في حوادث سنة 568هـ، فقد قال: (في هذه السنة في شوال رحل صلاح الدين
يوسف بن أيوب من مصر بعساكرها جميعها إلى بلاد الفرنج يريد حصر الكرك، والاجتماع
مع نور الدين عليه، والاتفاق على قصد بلاد الفرنج من جهتين، كل واحد منهما في جهة
بعسكره. وسبب ذلك أن نور الدين لما أنكر على صلاح الدين عوده من بلاد الفرنج في
العام الماضي، وأراد نور الدين قصد مصر وأخذها منه، أرسل يعتذر، ويعد من نفسه
بالحركة على ما يقرِّره نور الدين، فاستقرّت القاعدة بينهما أن صلاح الدين يخرج من
مصر، ويسير نور الدين من دمشق، فأيهما سبق صاحبه يقيم إلى أن يصل الآخر إليه،
وتواعدا
[1]
الشَّوْبَك: قلعة حصينة بأطراف الشام بين عمَّان وأيلة والقلزم قرب الكرك. (معجم
البلدان 3/370)